أصل التسمية:
هناك تفسيرات عدة لأصل تسمية باقة بهذا الاسم، فمنهم من يقول بأنها أخذت من (بوكيه) اللفظة الفرنسية لمعنى إضمامة الزهر، حيث أنها في أيامنا قد دخلت في قاموسنا اللغوي: (باقة)= مجموعة من الزهر، ولكن هذه رواية ضعيفة، لأن الاسم كان قديمًا قبل دخول الألفاظ الفرنسية إلى لغتنا.
وهناك رواية أخرى للبروفيسور فاروق مواسي، حيث يقول إنها أخذت من كلمة (با كخوس) عند الرومان وهو إله الخمر، وسبب تصوره لذلك أن المنطقة كانت مزروعة بكروم العنب، فهنا عنبتا، وهناك طور كرم، وجنوبي باقة تقع (جت)- وهذا الاسم يعني معصرة العنب، ففي تقدير الدكتور أن الرومان كانوا يقيمون الحفلات في أرض باقة بعد انتهاء عصير العنب، ويشربون الخمور ويكررون ذكر إله الخمر فيها، وكانت هناك ساحات الفسيفساء في منطقة المسجد القديم، والأعمدة الرومانية، وآثار أخرى وجدت، ويعرفها المسنون وقد شاهدوها.
والرأي الثالث يسوقه د. محمد عقل، حيث يقول إنها أخذت من الباقاط، وسميت قرية باقاط، والكلمة تعني باللغة المصرية القديمة الثلث أو الربع، وكانت باقة مزرعة كبيرة، تجري فيها المحاصصة، لذا يرى د. عقل أن التسمية حرفت من باقاط إلى باقة مع مرور الزمن.
الموقع والمناخ:
هي إحدى مدن لواء حيفا حالياً، ولواء طولكرم سابقاً، قبل قيام إسرائيل في العام 1948، وهي تعتبر إحدى المدن المركزية في منطقة المثلث. وقد دخل اليهود قرية باقة الغربية، وضمت رسميًا إلى إسرائيل بتاريخ 21.5.1949، بعد توقيع معاهدة رودس بين الأردن وإسرائيل، والتي تم بموجبها ضم قرى المثلث إلى دولة إسرائيل المقامة حديثاً آنذاك.
تقع باقة الغربية إلى الشمال من طولكرم مسافة 12كم منها، وترتفع عن سطح البحر بنحو 75م. تحيط بهذه الأراضي قرى قفين، ونزلة عيسى وباقة الشرقية وميسر وجت. أما مناخها فهو مناخ البحر الأبيض المتوسط الحار صيفاً والبارد شتاء. يبلغ معدل الأمطار فيها من 500 – 600 ملم في السنة. شربت باقة الغربية سابقاً من بئر واحدة تحمل اسمها -” بير باقة ” ، ولها من العمق 24 متر. ولا يزال الكثير من كبار السن في المدينة يذكرون دور البئر الهام في حياة القرويين البسطاء، وكذلك يذكرون الأناشيد الخاصة التي كان الناس ينشدونها في رواحهم وإيابهم منها وإليها.
تمتد منطقة نفوذ مدينة باقة الغربية على نحو 11000 دونم منها 5000 دونم معدة للبناء، والباقي أراضٍ زراعية. يبلغ عدد سكان المدينة حسب إحصاء سنة 2012 – 26000 نسمة، جميعهم من المسلمين.
في باقة عشرة مساجد، منها مسجدان للحركة الصوفية. وقد أسست الحركة الصوفية سنة 1988 كلية الشريعة التي أصبحت اليوم أكاديمية القاسمي، وأسست أكبر مكتبة عربية في الوسط العربي، وأقامت مدرسة ثانوية أهلية، كما رعت رياض الصالحين والمجمع الثقافي.
تم الإعلان عن باقة الغربية مدينة في 17.04.1996، في حفل مهيب ضم رئيس الحكومة ووزير الداخلية .
لمحة تاريخية:
يعود تاريخ باقة الغربية حسب المعلومات الموثقة إلى القرن الثاني عشر بعد الميلاد، حيث ذكرها المقريزي في كتابه “السلوك في معرفة دول الملوك”- في ذكر حوادث عام 663 هجري الموافق لـ 1265 ميلادي، قطع الظاهر بيبرس هذه القرية مناصفة بين الأمير علم الدين الظاهري والأمير علاء الدين التنكزي، وذلك عندما تم تقسيم القرى والمدن في فلسطين وإهدائها للمجاهدين الذين حاربوا ووقفوا بوجه الغزاة الصليبيين والبيزنطيين. كذلك تم ذكر البلدة في كتاب “عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان” لمؤلفه بدر الدين العيني، عارضاً تقسيم بلدان فلسطين على المحاربين مع الظاهر بيبرس. جاء ذكر المدينة أيضاً في الدفتر العثماني “المفصل عن ناحية مرج بني عامر وتوابعها”، وذلك في العام 1538. ومما دوّن في الدفتر العثماني أن تعداد سكان باقة الغربية بلغ خمس أسر مكونة من رب عائلة وأولاده، وعدد غير المتزوجين 11 نفرًا. ويذكر الدفتر أن نسبة الضريبة التي فرضت على السكان وصلت إلى 33.3% من الإنتاج، وقد تم تصنيف البلدة أنها تابعة لمنطقة “مرج بن عامر”.
تم اكتشاف العديد من المواقع الأثرية في باقة الغربية، منها تلك المواقع التي تعود إلى الفترة البرونزية (الألف الثاني قبل الميلاد)، وهي آثار كنعانية. كذلك تم اكتشاف آثار من الفترة الرومانية والبيزنطية، مثل الحمام البيزنطي في الحارة الشرقية من البلدة. وهناك آثار تعود للفترة الأموية والمملوكية.
تعرضت باقة الغربية للكثير من الحوادث في عهد الانتداب شأنها في ذلك شأن باقي المدن والقرى الفلسطينية. ففي عام 1938 تعرضت منازل باقة الغربية إلى النسف والتخريب على يد الجنود البريطانيين.
أصل السكان:
باقة الحديثة بدأت أولاً مزارع يتعهدها سكان من علار من وِلْـد علي، وقد كان رجل من عائلة بطيخ- (يسمون اليوم في باقة عائلة الديك) يقوم على حراسة الأراضي والمزروعات، وكان ذلك قبل نحو ثلاثمائة سنة.
ثم إن ولد علي قرروا الإقامة في باقة، فكانت عائلاتهم أبو مخ وقعدان (ومنهم غنايم)، ومواسي (ومنهم عثامنة) وخضير. ثم انضمت فيما بعد عائلات أخرى من شمالي البلاد وجنوبيها- من مجدل غزة، ومن اللبَّـن، من مصر مع حملة إبراهيم باشا.
بحسب الإحصائيات من العام 2009 (من وحدة الإحصاء المركزية) ازدادت نسبة التكاثر الطبيعي في باقة الغربية إلى نحو 1.8%، وتصل نسبة الرجال إلى النساء فيها إلى 943 امرأة لكل 1000 رجل. وتبلغ نسبة الحاصلين فيها على شهادة الإنهاء بنجاح مرحة التدريس الثانوية نحو 52%.
بلغ عدد سكان باقة الغربية عام 1922 حوالي 1443 نسمة، ثم في عام 1931 بلغوا 1640 نسمة بينهم 805 من الذكور و835 من الإناث لهم 403 بيت. وفي عام 1945 قدّروا بـنحو 2240 مواطناً.
في العام 2003، تم دمج كل من بلدية باقة الغربية ومجلس جت المحلي ضمن بلدية واحدة دعيت باسم “باقة-جت”، وذلك بالرغم من معارضة السكان من كلا البلدين لخطة الدمج، وكان هذا إثر قرار حكومي بدمج بعض القرى والمدن في إسرائيل، بهدف التوفير في حجم المصروفات الحكومية، وقد بلغ مجموع سكان باقة-جت مع نهاية العام 2010 نحو 36000 نسمة.
في العام 2010 تم فك الدمج القسري الذي فرض على البلدتين بعد نضال واسع ضم لجان شعبية وكوادر سياسية على المستوى المحلي، في أعقابه تم إجراء انتخابات في تاريخ 11.10.2011 وانتخاب مجلس بلدي يضم خمسة عشر عضوًا، وقد تم انتخاب المحامي مرسي أبو مخ رئيسا للبلدية. علمًا بأن البلدية كانت قد أديرت قبل ذلك من قبل لجنة معينة عينتها وزارة الداخلية، وقد كلفت السيد إسحاق فالد رئيس بلدية كفار سابا سابقا بإدارة بلدية باقة- جت لمدة خمس سنوات.
الوضع الاقتصادي:
تلعب باقة الغربية دورًا اقتصاديًا مهمًا بالنسبة لمحيطها الجغرافي القريب، فهي تحتوى على عدد كبير من ورشات العمل والمصانع التي تختص بعدة مجالات. وهي تضم الكثير من ورشات العمل المتنوعة ما بين إنتاج مواد البناء والزجاج والطباعة. كما تزدهر في موسم جني الزيتون أنشطة عديدة حيث تعود معاصر زيت الزيتون المنتشرة للعمل بعد شهور من الركود، بالإضافة إلى اعتماد الكثير من السكان على الزراعة الحديثة.
في باقة العديد من المصانع وورشات العمل الكبرى، منها مصنع لتعليب المخللات، مصنع لإنتاج الألبان والأجبان، محلات إنتاج الحلويات بمذاقات وجودة عالية. في باقة ما يقارب أربعمائة ورشة عمل، منها ورشات لإنتاج الدفيئات والبلاط الأرضي والكراميكا، معاصر زيتون، وورشات تصليح السيارات.
إذن فإن النشاط الاقتصادي لباقة الغربية يتنوع بين نشاط صناعي ونشاط زراعي، لا يحد منه نوعًا ما إلا وجود الجدار العازل:
الجدار العازل:
شكل الجدار الذي بنته إسرائيل ضمن خطة الانفصال التي أسسها رئيس الوزراء السابق أريئيل شارون سنة 2002 عائقًا اجتماعيًا واقتصاديًا على باقة الغربية والقرى الفلسطينية المجاورة خاصة قريتي باقة الشرقية ونزلة عيسى.
وقد سبب الجدار ملامح ركود اقتصادي وتجاري كبيرين، ومن أبرز مظاهره انضمام مئات العمال لصفوف العاطلين عن العمل بسبب الجدار الذي غير من جغرافية المكان، وهذا ما أضر أيضًا بحرية تنقل البضائع بين المناطق القريبة.
الثقافة:
في مدينة باقة الغربية سنة 2013 سبع مدارس ابتدائية (مدرسة عمر بن الخطاب، مدرسة الشافعي، مدرسة ابن خلدون، مدرسة الغزالي، مدرسة الحكمة، مدرسة الرازي ومدرسة الخوارزمي) و ثلاث مدارس إعدادية (المدرسة الإعدادية أ- الزهراوي؛ المدرسة الإعدادية ب- الأندلس؛ المدرسة الإعدادية ابن سينا)، ثلاث مدارس ثانوية (المدرسة الثانوية للعلوم والتكنولوجيا؛ المدرسة الثانوية للآداب والتكنولوجيا؛ مدرسة القاسمي الأهلية) ، ومدرسة واحدة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة (مدرسة الرحمة). كما أن فيها العشرات من رياض الأطفال، ومنها الخاصة.
في مدينة باقة الغربية بعض الكليات أهمها أكاديمية ألقاسمي (وهي مؤسسة أكاديمية تمنح طلبتها شهادة تدريس في مواضيع عدّة، ويحصل الخريج على شهادة B.Ed ويواصل بعض طلبتها للحصول على الماجستير – M. Ed). وتعكف مؤسسات القاسمي على افتتاح أول جامعة عربية في البلاد، وتم بناء هذه المؤسسة الضخمة غربي البلدة.
كذلك فإن في باقة مركز تطوير كوادر التربية والتعليم، وهو مؤسسة تابعة لوزارة التربية والتعليم.
لا بد أن نذكر أن في باقة أعلامًا في الأدب واللغة، شعراء وفنانين ومبدعين في مجالات مختلفة، وهؤلاء يشار إليهم بالبنان.
قصيدتان عن باقة للشاعر د. فاروق مواسي
بــاقـــة
يــا بـاقتي يا حلوتـــي
تألّــقي كالنجمـــــــةِ
عنوانُـك الحـب الـــذي
يسمـو لأرقــى قمـة
فـــي أهلـنا طيـبُ اللقا
مكــارمٌ فـــي الهمّّــة
إن زرتَـنـا أحببتـَــــنا
كنـت ابنَنا فــي الـذمّـــة
تشــدو بآفاق الغنــــا
أطيـارُنا فـــي فـرحـــة
والحـقـل يــبدو يــانعًا
مسـتمتعًـا بــالنسمــــة
كلية فيـها السنــــــا
عـلم بهـدي الـرحمــة
مكتبة فــــــي رُحبهـا
عطـــاؤها كالديمـــــة
حييتُ فيك شاعــــــرًا
يجيد فـــن الكلمـــة
وصـــانعًـــا وزارعًًًـا
فـي الأرض ذخــرِ الأمـة
يــا باقتي فــي فوحـهـا
يـــا روعــة فــي الروعـة!
بئــر بــاقــة
يا بئـرَ بــاقةَ أهـلُنا منــكِ اسـتَقَوا
نَهَلوا فُراتًا وارْتَـوَوا شُـــربَ الهَنا
عــذبُ الجِـرارِ ملأنَها وتبرَّجـَــتْ
فتياتُنا فــي مَيْسَةٍ وعــلا الـغِـنـــا
حجرُ العرائـسِ كـــانَ يُجْلِسُ غادةً
يــدعــو لهـا فـي دِلِّها أحلى المُنى
هذي حــبالُ الـبئرِ تَرقصُ فرْحــةً
والــدَّلوُ يُغْــدِقُ مـاءَها صَـفْوًا لَنـا
جعلَ الإلهُ الـماءَ كنزَ حـياتـِنـــا
فـَتَبارَكَــتْ بئـرٌ